د محمد عبدالمجيد يكتب: تأثير التغيرات المناخية علي المبيدات
>>إرتباط المبيدات بالتأثيرات البيئية للتغيرات المناخية
رئيس لجنة المبيدات – وزارة الزراعة – مصر
إستدامة المبيدات فى الزراعة هى مفهوم يركز على استخدام المبيدات بطريقة تقلل من الآثار السلبية على البيئة والصحة العامة وتضمن فعالية طويلة الأمد فى مكافحة الآفات. عندما نتحدث عن إستدامة المبيدات فى سياق التغيرات المناخية تبرز عدة عوامل مهمة تؤثر على كيفية استخدام المبيدات وفعاليتها على المدى الطويل. وفيما يلى تفصيل حول العلاقة بين إستدامة المبيدات والتغيرات المناخية:
1- تأثير التغيرات المناخية على الآفات الزراعية
التغيرات المناخية مثل ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار تؤدى إلى تغيير توزيع الآفات الزراعية وتزايد نشاطها فى مناطق جديدة أو لفترات أطول. نتيجة لذلك:
- ظهور آفات جديدة فى المناطق التى كانت سابقاً آمنة من تلك الآفات بسبب تغير الظروف البيئية.
- زيادة معدلات الإصابة بالآفات نتيجة لظروف الطقس الأكثر دفئاً مما يتطلب زيادة استخدام المبيدات.
- زيادة المقاومة لدى بعض الآفات بسبب الاستخدام المكثف للمبيدات مع تغير الظروف المناخية مما يستلزم تطوير مبيدات جديدة أو استخدام أكثر إستدامة للمبيدات الحالية.
2- زيادة الطلب على المبيدات
مع زيادة الآفات وانتشارها بسبب التغيرات المناخية يمكن أن يزيد الطلب على المبيدات. لكن هذا الطلب المتزايد قد يؤدى إلى:
- استخدام مفرط للمبيدات مما يؤدى إلى تلوث البيئة (التربة والمياه) وتدهور الأنظمة البيئية.
- زيادة المقاومة لدى الآفات حيث يمكن للآفات أن تطور مقاومة مع مرور الوقت إذا تم استخدام نفس المبيدات بشكل متكرر.
لحل هذه المشكلة يجب تبنى استراتيجيات متكاملة لإدارة الآفات (IPM) التى تعتمد على استخدام مبيدات صديقة للبيئة وتقنيات مكافحة أخرى مثل المكافحة البيولوجية.
3- التأثيرات البيئية لاستخدام المبيدات مع التغير المناخي
التغيرات المناخية مثل تزايد الفيضانات أو فترات الجفاف قد تؤدى إلى تفاقم الآثار السلبية للمبيدات على البيئة. على سبيل المثال:
- الفيضانات يمكن أن تؤدى إلى انتقال كميات كبيرة من المبيدات الكيميائية إلى الأنهار والبحيرات مما يسبب تلوث المياه ويؤثر سلباً على الحياة المائية.
- الجفاف قد يزيد من تركيز المبيدات فى التربة بسبب نقص المياه مما يؤدى إلى تلوث التربة وتقليل جودتها على المدى الطويل.
لذلك ينبغى تعزيز استخدام المبيدات بطرق تحافظ على البيئة مثل استخدام المبيدات الطبيعية أو تلك ذات التأثير المحدود على النظم البيئية.
4- الابتكار فى مبيدات صديقة للبيئة
مع استمرار التغيرات المناخية تزداد الحاجة إلى تطوير مبيدات صديقة للبيئة وفعالة فى نفس الوقت. هذه المبيدات تعتمد على مكونات طبيعية أو تقنيات مثل النانو تكنولوجى والمبيدات الحيوية المستخرجة من النباتات أو الكائنات الحية. فوائد هذا الاتجاه تشمل:
- تقليل التأثير البيئى: المبيدات الحيوية أقل سمية على البيئة والمستهلك.
- التحكم الدقيق فى الآفات: المبيدات النانوية على سبيل المثال تسمح بإيصال المادة الفعالة مباشرة إلى الآفة المستهدفة بدقة عالية مما يقلل من الحاجة لاستخدام كميات كبيرة من المبيد.
فى مصر يعد تبنى هذه التقنيات جزءاً من الاتجاه نحو الإستدامة فى القطاع الزراعي والذى سيصبح أكثر أهمية مع استمرار آثار التغيرات المناخية.
5- دور الزراعة المستدامة فى تقليل الاعتماد على المبيدات
مع التغيرات المناخية المتزايدة يصبح من الضرورى تبنى ممارسات زراعية مستدامة تقلل من الاعتماد على المبيدات الكيميائية. من بين هذه الممارسات:
- تناوب المحاصيل: يساهم فى الحد من انتشار الآفات ويقلل الحاجة إلى المبيدات.
- الزراعة العضوية: تعتمد على تقنيات بيولوجية لمكافحة الآفات بدلاً من المبيدات الكيميائية.
- الرى الذكى: يساعد فى إدارة المياه بشكل فعال وتقليل انتشار الآفات التى تزدهر فى ظروف الرطوبة العالية.
6- التغيرات المناخية والمقاومة المتزايدة للمبيدات
مع زيادة استخدام المبيدات نتيجة لتفاقم مشكلة الآفات بسبب التغيرات المناخية هناك خطر كبير من تطور مقاومة الآفات للمبيدات المستخدمة. المقاومة تعنى أن الآفات تصبح أقل تأثراً بالجرعات العادية من المبيدات مما يجبر المزارعين على زيادة الجرعات أو البحث عن مبيدات جديدة وهو ما يزيد من التكلفة ويضر بالبيئة.
للتغلب على هذه المشكلة يتم اللجوء إلى:
- تنويع المبيدات: استخدام مبيدات مختلفة أو دمجها مع استراتيجيات أخرى مثل المكافحة البيولوجية.
- التدوير بين المبيدات: لتجنب تطوير المقاومة لدى الآفات من خلال تغيير المبيد المستخدم فى كل موسم زراعى.
7- التوجه نحو السياسات الزراعية المستدامة
إستدامة استخدام المبيدات تتطلب سياسات زراعية مستدامة. فى ظل التغيرات المناخية يمكن للحكومات والمؤسسات الزراعية أن تلعب دوراً فى:
- التوعية والتدريب: توعية المزارعين حول كيفية استخدام المبيدات بطرق آمنة ومستدامة فى ظل التغيرات المناخية.
- دعم البحث والتطوير: تشجيع الابتكار فى تطوير مبيدات بيئية صديقة وتقديم الدعم للمزارعين لتبنى هذه الحلول.
- التشريعات الصارمة: تطبيق قوانين صارمة للحد من الاستخدام المفرط للمبيدات وضمان الامتثال للمعايير البيئية.
8- التحذير المبكر وأنظمة الإنذار
أنظمة التحذير المبكر الخاصة بالآفات والمبيدات يمكن أن تلعب دوراً مهماً فى تحسين إستدامة استخدام المبيدات. مع التغيرات المناخية يمكن أن تساعد هذه الأنظمة فى:
- التنبؤ بظهور الآفات: بناءً على الظروف المناخية مما يساعد المزارعين على اتخاذ الإجراءات الوقائية فى الوقت المناسب.
- تقليل الحاجة إلى المبيدات: من خلال استخدام تقنيات الرصد والاستشعار لتحديد الوقت المثالى لتطبيق المبيد بأقل كمية ممكنة.
الخلاصة:
التغيرات المناخية تشكل تحدياً كبيراً لإستدامة استخدام المبيدات فى الزراعة حيث تؤدى إلى زيادة انتشار الآفات وتغيير أنماط الطقس التى تؤثر على فعالية المبيدات. لتحقيق إستدامة حقيقية يجب تبنى استراتيجيات متكاملة تشمل الابتكار فى المبيدات البيئية، إدارة أفضل للموارد الزراعية والتعاون بين الحكومات والمزارعين لضمان إنتاج غذاء مستدام وآمن.