د هالة  أبو يوسف تكتب: دور المراة في التخفيف من ظاهرة التغيرات المناخية

وكيل المعمل المركزى للمبيدات – مركز البحوث الزراعية – مصر

تؤثر التغيرات المناخية المتزايدة علي العالم بشكل كبير، وعلي الموارد المبشرية لكوكب الأرض بما عليها من رجال ونساء حيث تلعب المرأة دورا هاما في القدرة علي مساعدة العالم في التكيف مع هذه التغيرات وتعد محورا هاما يقود العالم للمزيد من النجاح في تحقيق غاياته من التأقلم مع الآثار السلبية لظاهرة التغيرات المناخية،  ولذلك حرصت مصر على تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في نسخته السابعة والعشرون، وهو المؤتمر الأكبر في العالم في هذا المجال، حيث ترسل مصر من خلاله العديد من الرسائل  الإيجابية الهامة إلى كوكب الأرض الذي طالما عانى وما زال يعاني من تجاوزات سكانه التي تتعاظم بشكل مُطَّرِد من عام إلى آخر.

وقد نتج عن هذه التغيرات المناخية تأثيرات سلبية تصل في بعض الأحيان إلى كوراث طبيعية مدمرة، مما أدى إلي تفاقم أوضاع الفقر وتدني مستوى المعيشة للكثيرين خاصة في المجتمعات النامية ذات الأوضاع الاقتصادية الهشة وذلك وفقا لتقارير البنك الدولي.

إن الكوراث المناخية المفاجئة مثل الفيضانات وحرائق الغابات والجفاف تؤدي إلي تشرد عدد كبير من سكان هذه المناطق، وأيضا إلي نقص الموراد الذي يؤثر بالسلب علي دخل الفرد مما يتسبب في زيادة معدلات الفقر، ومن أكثر الفئات تأثراً بتغير المناخ النساء والفتيات اللاتي يتحملن الجانب الأكبر من أعباء الحياة الأجتماعية  والإقتصادية في مثل هذه المجتمعات، ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة فإن نسبة 80 % من النازحين بسبب التغيرات المناخية من النساء، ولذلك كان من الضروري وضع استراتيجيات  لتمكين المرأة في حل أزمة المناخ.

 ما الذي يجعل المرأة أكثر عرضة للتغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية؟

وتتلخص الإجابة في النقاط التالية:

  • الحواجز الثقافية والافتقار إلى التعليم بما يجعل المرأة أكثر تخلفاً عن الرجل .
  • العمل مقابل أجور منخفضة للمرأة التي تعول اسرتها .
  • العنف ضد النساء والفتيات يرتبط بتغير المناخ ارتباطا وثيقاً.
  • عدم المعرفة الكاملة بمهارات البقاء على قيد الحياة (في عام 2004، على سبيل المثال، توفي عدد أكبر من النساء في تايلند بسبب أمواج تسونامي لأنهن بقين في الخلف يبحثن عن أطفالهن، ولأنهن ثقافياً لا يتعلمن مهارات مثل السباحة وتسلق الأشجار وما إلى ذلك).
  • قد يضطر الرجال بسبب أنماط الأمطار المتغيرة على العمل لساعات أطول أو البحث عن وظائف خارج مجتمعاتهم أوفقدان الدخل بسبب فشل المحاصيل، مما قد يجعل النساء يعملن بجهد مضاعف لدعم أزواجهن لكسب لقمة العيش وأيضا لرعاية أطفالهن.

ومن الأمثلة الصارخة لتأثير الكوارث المناخية علي  الزراعة  في المناطق الفقيرة بما يؤثر تأثيرًا مباشرا على المرأة، ما يحدث في الهند حيث يعمل 80% من النساء في قطاع الزراعة بكا يشكل نسبة 33% من مجموع القوة العاملة الزراعية و 48% من المزارعين العاملين لحسابهم الخاص، كما يجدر الإشارة إلى مايحدث فى بعض دول قارة أفريقيا حيث  يضطر العديد من النساء إلى السير أميالاً بحثا عن الماء، خاصة في ظل موجات الجفاف الشديدة التي تتفاقم بسبب أزمة المناخ،  حيث أنهم يضطررن إلى السفر مسافات أبعد من ذلك، مما يعرض صحتهن بل وسلامتهن وسلامة أطفالهن للخطر.

وفي منطقتنا العربية من المتوقع أن يزداد متوسط ​​درجات الحرارة سنوياً لأكثر من خمس درجات مئوية، مع زيادة كبيرة في عدد الموجات “شديدة الحرارة” وأيضاً انخفاض عام في متوسط ​​معدلات هطول الأمطار، وبذلك سيكون لتغير المناخ في هذه المنطقة  تأثيراً شديداً على النساء والمجتمعات الفقيرة والمهمشة التي تعتمد على الموارد الطبيعية  لكسب العيش، وخصوصا في المناطق الريفية التي تعتمد بشكل كبير في معيشتها اليومية على زراعة الكفاف (أي المزروعات التي تؤدي بالكاد إلى الاكتفاء الذاتي).

ولذلك، عندما تقع كوارث مناخية مفاجئة، فإن المرأة تكون أكثر عرضة للخطر، علاوة على ذلك فإن حالات الطوارئ المناخية كثيراً ما يتبعها مخاطر صحية مثل انتشار أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك وما إلى ذلك، والأمهات بالطبع هن الأكثر تضررا من هذه المآسي، وغالبا ما يكُنَّ غير قادرات على توفير الرعاية الصحية الكافية لأطفالهن.

وقد خص الأمين العام للأمم المتحدة النساء والفتيات  بسبب قدرتهن االمميزة  في وضع الحلول عندما يتم تمكينهن لمواجهة الأثار السلبية لتغير المناخ، وقد أظهر تحليل قامت به الأمم المتحدة أن الرجال والنساء لديهم آليات تأقلم مختلفة ونقاط ضعف في مواجهة تغير المناخ، لذلك ليس من العجيب  أخذ عامل ديناميات النوع الإجتماعي في الاعتبار عند تصميم وتنفيذ استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية.، كما أنه لا ينبغي أبداً الاستهانة بروح وحيوية المرأة كعامل أساسي للتغيير والعمل الجاد.

ومن ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27 – الذي تستضيفه مصر بمدينة شرم الشيخ خلال الشهر الحالي (نوفمبر 2022) – مناقشة السياسات المطلوبة والحلول الممكن اقتراحها وآليات التمويل التي تمكن المرأة في مختلف القارات لمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ، وتم تخصيص يوم كامل للمرأة في الأيام غير الرسمية للمؤتمر، كما احتلت المرأة  مساحة مهمة ضمن الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع التغيرات المناخية 2050.

 رؤية مصر لموضوع المرأة والبيئة وتغير المناخ علي سبعة محاور رئيسية:

  • العمل على وضع استراتيجيات تراعي احتياجات المرأة وكيفية التكيف والتخفيف من حدة تداعيات التغير المناخي.
  • تعزيز فاعلية المرأة ومشاركتها الفعالة خلال مراحل الحوكمة البيئية.
  • تعزيز التوعية والتغير السلوكي بشأن قضايا المرأة وتغير المناخ.
  • الأستفادة من فرص توظيف المرأة خلال عملية الإنتقال البيئي العادل إلى لاقتصاد الأخضر والاستهلاك الرشيد والاقتصاد الأزرق في إطار أهداف التنمية المستدامة.
  • معالجة الآثار والتداعيات الصحية والإجتماعية للتدهور البيئي على المرأة.
  • تعزيز إصدار البيانات والمعلومات وزيادة الوعي المعرفي بموضوعات المرأة والبيئة وتغير المناخ.
  • تطبيق مبادئ تمكين المرأة ومراعاة احتياجاتها خلال عملية تمويل الحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

وتساهم مبادرة حياة كريمة – التي تؤمن بأهمية مشاركة المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل لمواجهة عوامل تغير المناخ وتنفيذ رؤية مصر 2030 في هذا المجال- في رفع مستوى المعيشة فى المناطق الأكثر احتياجاً، وذلك من خلال توفير فرص عمل وتحقيق التمكين الاقتصادى للمرأة ورفع مستواها المعرفي والثقافى الذى يساهم فى توفير سبل الرعاية الجيدة للأطفال صحياً وتعليمياً بما يؤدي إلى المزيد من الاستقرار للاسرة المصرية من أجل تحقيق مستقبل زاهر ومشرق لمصرنا الحبيبة وشعبها الأبيّ الأصيل.